الفرصة الضائعة...!

بسم الله الرحمن الرحيم،،،،،


إنها الفرصة الضائعة التي كانت وما زالت تتكرر عبر أحداث التاريخ البشري وعندما يفوت على شخص ما صفقة رابحة أو مكسب مالي نتيجة سوء تصرفه فإنه يبقى عليها نادمًا وعلى أصابعه عاضًا لما لم يفعل كذا وكذا ولما فعل كذا وكذا وهكذا فما بالكم إذا كانت الفرصة الضائعة هي إسلام أمة بأكملها نتيجة تخاذل المسلمين وافتراقهم وانشغالهم عن الدعوة لدين الله وتلك هي الفرصة الضائعة .
الأمة التي تتحدث عنها ونعنيها بكلامنا هي الأمة اليابانية والشعب الياباني الذي يتصف بالنشاط والذكاء والعمل الدؤوب والعقلانية هذا بالإضافة للأدب والهدوء شأنه في ذلك شأن دول جنوب شرق آسيا والعجيب رغم كل الصفات الجيدة التي تريد أن يكون الإسلام منتشرًا بين أهل اليابان إلا أننا نجد أن أقل نسبة للمسلمين في سائر بلاد آسيا هي في اليابان حيث عدد المسلمين لا يتجاوز الربع مليون مسلم على الرغم من ضخامة تعداد الشعب الياباني وهذا الذي يجعلنا نتكلم عن الفرصة الضائعة .
تبدأ أحداث تلك الفرصة الضائعة في عام 1286 هـ عندما ألزمت اليابان على الانفتاح والاتجار مع الأجانب وفتح بعض مرافئها لهم لأنها في السابق كانت تطبق سياسة الانعزال والانغلاق لبعد بلادها عن حواضر المعمورة، وبعد هذا الانفتاح اكتشف اليابان أنها متأخرة ومتخلفة عن ميادين العلوم التجريبية فأرسلت بعض أبناءها للخارج للتعليم والإفادة ثم حدث تطور سريع عندما دخلت اليابان الحرب مع جارتها روسيا سنة 1322 هـ وخرجت منتصرة وظهر لليابان حقيقة الدول الأوربية ومهزلة الانتصار عليها فدب الجد والنشاط الشديد عند أهل اليابان وقد أرسل السلطان عبد الحميد مندوبًا عنه إلى اليابان، وهو القائد ترتو باشا ليهنئ إمبراطور اليابان بهذا النصر، وكان ممن وقع في أسر اليابانيين من الروس ألفان من المسلمين الذين كانوا يحاربون مع الروس كرهًا منهم لضغط الروس عليهم وأهليهم، واحتك أهل اليابان مع الأسرى المسلمين وحدث نوع بسيط من التأثير من سلوك المسلمين .
بعد هذا الانتصار شعر إمبراطور اليابان حتى الفرد العادي منهم بأن الديانة الشنتوية اليابانية متخلفة جدًا لا يقبل العقل طقوسها هذا بالإضافة لكون الشنتوية ديانة مستوردة من الهند حيث كانت التفسير الياباني للبوذية، فجمع الإمبراطور كبار رجالاته وتشاور معهم في ذلك الأمر فاقترح أحد خواصه النظر في كتاب قدم به مؤلفه إلى اليابان وهو [حسّان نيوس] أحد مسلمي الصين واقترح آخر السماع للإرساليات النصرانية التي دخلت اليابان مع الانفتاح، ولكنها فشلت فشلاً ذريعًا لاصطدام فطرة اليابانيين مع تعاليم المبشرين المحرفة ولوجود نفس الفكرة بين الشنتوية التي تقوم على تقديس وعبادة البشر والصليبية المحرفة التي تقوم على عبادة المسيح عليه السلام .
وأخيرًا اقترح الإمبراطور وزعماء اليابان أن تكون الدعوة عامة لأصحاب مختلف الديانات كي يكون الأمر واضحًا وكي يكون ذلك حجة على أصحاب الديانات الثانية، ومن هذا المنطلق فقد دعيت كل من الدولة العثمانية وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وانكلترا والولايات المتحدة لترسل من تختار للدعوة لدينها، ،وتم استبعاد روسيا لكراهية اليابان لها وبالتالي حضر مندوبو الإسلام والنصرانية بفرعيها الكاثوليكي والبروتستانتي وغاب الأرثوذكسي عن الساحة بغياب الروس حامي حمى المذهب الأرثوذكسي وقتها .
بالفعل حضر المندوبون وعقد مؤتمر عام حضره الإمبراطور [موتسوهيتو] وكبار رجال اليابان وبلغ عدد المندوبين مائة وعشرين عضوًا، وأخذ كل فريق يعرض محاسن دينه ويرد على أتباع الديانات الأخرى، وخلصت نتيجة المؤتمر لانتصار الإسلام وظهور صحبته على الآخرين، ورأى مندوبو الدول الصليبية أن الاتجاه العام لدى اليابانيين قد انصرف نحو الإسلام، ولكن الإمبراطور كان سياسيًا واعيًا وفي نفس الوقت لم يذق حلاوة الإيمان فلم يرغب أن يقف في وجه الدول الكبرى ويعاديها جميعًا لذلك فقد أعلن بعد المؤتمر حرية الاختيار للشعب كي يعتنق الديانة التي يراها مناسبة له كما اتصل بالسلطان عبد الحميد وطلب منه أني بعث إلى اليابان معلمين للإسلام ومرشدين للدعوة هناك .
شاع بين الأمم أن إمبراطور اليابان سيسلم وأضحى اعتناق اليابانيين للإسلام وشيكًا وروّج المنصرون لذلك حتى تتحرك القوى الصليبية لمنع ذلك، ولم يبق على إسلام اليابان سوى تحرك قوافل الدعوة، ودخول الأراضي اليابانية فماذا حدث ؟ تحرك بعض النشطاء من المسلمين للدعوة في اليابان فانطلق من مصر أحمد الفضلي وعلي الجرجاني صاحب جريدة الإرشاد في مصر ومندوب الدولة العثمانية عبد الرشيد إبراهيم ورجل من الهنود اسمه حسين عبد المنعم فقط لا غير .
يا للعجب أمة ضخمة كبيرة التعداد واسعة الأرجاء مستعدة لقبول الدعوة ومهيئة الاستماع للإسلام ثم الدخول فيه فلا يدخلها للدعوة سوى أربعة نفر فكان ذلك بداية ضياع الفرصة .
كان عبد الرشيد أكثرهم حركة ونشاط حيث أنه كان مندوب الدولة العثمانية فاستقبل استقبالاً حسنًا وفسح له المجال للدعوة فاتصل بكثير من الشخصيات ودعى إلى عدد من الحفلات، وكانت الصحف تتابع أخباره وذلك في شهر شوال سنة 1326 هـ وفي خط مواز وبالتنسيق مع عبد الرشيد تحرك أحمد فضلي والجرجاني وفد استطاع الأخير أن يجتمع مع إمبراطور اليابان ويدعوه للإسلام ولكنه فشل في إقناعه بالإسلام، وجاء رجل من استامبول للدعوة، ولكنه كان على غير المستوى المطلوب فكان يدعو إلى تعدد الزوجات مما جعل اليابانيون يحجمون عن الإسلام بسبب ذلك الأمر، استطاع عبد الرشيد أن يقنع عددًا من زعماء اليابان بالإسلام فدخلوا فيه وأنشأوا مسجدًا وجمعية إسلامية في 18 جمادى الأولى سنة 1327 هـ .
وفي تلك الأثناء وقع الانقلاب المشؤوم على السلطان عبد الحميد الذي تآمر عليه الصليبيون مع الصهاينة للإطاحة به، وأصبح حدث القومية الطورانية يعلو على كل صوت واختفت فكرة الجامعة الإسلامية التي سعى لها عبد الحميد، ونتج عن ذلك استدعاء عبد الرشيد إبراهيم من اليابان بناءًا على أوامر القيادة الجديدة في أستانبول فاضطر عبد الرشيد لمغادرة اليابان في 27 جمادى الأولى سنة 1327 هـ أي بعد تأسيس المسجد بتسعة أيام فقط ولم يمكث عبد الرشيد باليابان سوى سبعة أشهر غادرها بعد أن ترك بعض الركائز للعمل الإسلامي وبعض المسلمين .
حدث بعض التغيير في الحياة السياسية في اليابان حيث رامت اليابان في الاتحاد مع الصين وتكوين حلف مشترك ضد الأعداء خاصة الأوربيين الذين تولدت عداوتهم في قلوب اليابانيين عبر السنين بفعل غطرسة واستعلاء واستغلال الأوربيين للجنس الأصفر في آسيا، وكانت الصين ومنها بها أعداد كبيرة من المسلمين لذلك فلقد عملت اليابان على استقطاب المسلمين بالصين نحوها خاصة أن اليابان قد احتلت الجزء الشمالي من البر الصيني وأنشأت اليابان [اتحاد المسلمين في الصين] وجاء عدد من المسلمين من الهند ومن جاوة في إندونيسيا إلى اليابان للدعوة ولم تكن إمكانياتهم تسمح بذلك من جهة أخرى حدث خلاف واضح بين مسلمي الهند المتمذهبين بالمذهب الحنفي ومسلمي إندونيسيا أتباع المذهب الشافعي واليابانيون المسلمون ينظرون إلى هذا الخلاف بتعجب شديد ولم يدروا ما المذاهب وحال ذلك الأمر دون اعتناق كثير من اليابانيين للإسلام حتى أرسل مسلمو اليابان إلى مكة يستفسرون ويسألون محمد سلطان المعصومي الخوقندي المكي المدرس بالمسجد الحرام سنة 1357 هـ من المذاهب وهل يلزم من دخل الدين الإسلامي أن يتمذهب على أحد المذاهب الأربعة ؟
وبالجملة وفي النهاية ضاعت فرصة ذهبية لدخول أمة بأكملها في دين الإسلام وبالجملة ومن خلال هذا السرد التاريخي لتلك الفرصة الضائعة يتضح لنا أسباب الضياع حتى نكون على بينة من أمرنا ولنكون على حذر واعتبار من الوقوع في مثلها إذا تكررت الفرصة مرة أخرى، ونستطيع أن نجمل أسباب الضياع فيما يلي :
1 ـ ضعف الاستجابة الذي جاء من المسلمين تجاه تلبية الدعوة للدخول للأرض اليابان لنشر الإسلام حيث لا يعقل أن يقوم بدعوة أمة كبيرة التعداد واسعة الأرجاء أربعة نفر فقط في حين أننا نرى المبشرين والمنصرين يتحركون جماعات وزرافات في كل أنحاء المعمورة يعيش الواحد منهم داخل أدغال أفريقيا وفي أحراش آسيا أكثر من عشرين عامًا بعيدًا عن أهله وبلده، محرومًا من أدنى وسائل الرفاهية من أجل دعوة باطلة ويكون في قمة السعادة عندما ينجح بعد هذه المدة الطويلة في تنصير رجل أو رجلين .
فما هي الحجة أو العداء للمسلمين عندما تكاسلوا عن جلسة داعي الدعوة وجذبتهم الأرض وكرهوا أن ينفروا للدعوة وبعدت عليهم الشقة .
2 ـ ثاني أسباب الضياع هو فرعية وهامشية الطريقة المستخدمة في الدعوة حيث كان يدعو البعض لتعدد الزوجات وهذا يدل على جهل الداعية بطبيعة أرض الدعوة حيث أن الشعب الياباني يأنف من ذلك حين نسيت الأصول والركائز في الدعوة للدين ومراعاة أن هذا الشعب يقدس الأخلاق والآداب النبيلة وفي الإسلام الأصول الخالدة لتلك الآداب التي أظن لو بدأ بها في دعوة اليابانيين لكان للإسلام صدى أكبر بكثير مما حدث.
3 ـ ثالث الأسباب هو التعصب والخلاف المذموم الذي وقع بين أتباع المذاهب الفقهية في وقت تكون الحاجة فيه على أشدها للاتحاد والتنسيق وذلك لوحدة الهدف بين المتخالفين فكلاهما يدعو للإسلام، ويرمي لدخول اليابانيين في الإسلام فلماذا إذًا الاختلاف والتناحر؟ ولم يراع هؤلاء المتخالفين الآثار السيئة التي ستصيب الشعب الياباني الذي لا يعرف المذاهب مما أدى لإعراض الكثير منهم عن الإسلام .



مفكرة الإسلام
أكمل القراءة

الملك فيصل بن عبد العزيز واليابان ..!

بسم الله الرحمن الرحيم ،،،


الملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية الراحل، عظيم من عظماء هذه الأمة، ومن أكبر من دعم المسلمين والدعوة الإسلامية في اليابان.
الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية زار اليابان في عام 1970م ، والتقى وفد من المسلمين اليابانيين في طوكيو، وقدم دعماً عظيماً للدعوة في اليابان. كما أشرف الملك فيصل على مشروع ترجمة القرآن إلى اللغة اليابانية التي شَرُف بها الأستاذ عمر ميتا، وقد  خصص مبلغاً كبيراً من المال لهذا المشروع.
 في عام 1973م، أوفد الملك فيصل الدكتور صالح السامرائي مع ستة أشخاص آخرين لإنشاء المركز الإسلامي الأول في اليابان بالتعاون مع الدعاة اليابانيين والأجانب الذين ينشطون في الدعوة في اليابان.

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.



أكمل القراءة

الجمعيات الإسلامية في اليابان : جمعية مسلمي اليابان (2)

بسم الله الرحمن الرحيم،،،،



قامت جمعية مسلمي اليابان بترجمة عدة كتب إسلامية إلى اللغة اليابانية منها: حكايات الصحابة ، حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ،مبادئ الإسلام وغيرها .

كما أتم الأستاذ عمر ميتا الرئيس السابق للجمعية ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية ، وتقوم الجمعية على طباعة هذه الترجمة حيث قدّم الملك فيصل رحمه الله مبلغاً طيباً وُضع في سفارة المملكة العربية السعودية في طوكيو للصرف على طبع الترجمة كلّما نفذت ، وكان العمل تحت إشراف رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة .

وقد قام المسلمون في اليابان وعلى رأسهم الدكتور صالح السامرائي رئيس المركز الإسلامي في اليابان بشراء أرض مساحتها (10800) متر مربع في مدينة إنزان للمقبرة الإسلامية ، وأكثر التبرعات جاءت من المملكة العربية السعودية ، وساهم في شرائها المرحوم (بإذن الله) البروفيسور عبد الكريم سايتو بـ(300000) ين ياباني.

والجمعية لها علاقات وطيدة وصلات طيبة بكثير من الجمعيات والمنظمات الإسلامية بمختلف البلدان منها : رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ، ومعهد الأزهر للبحوث الإسلامية بالقاهرة ، ومؤتمر العالم الإسلامي بكراتشي ،وجمعية اتحاد المسلمين في آسيا والباسفيك في ماليزيا وغيرها .

والجمعية لها دور في تعزيز الوجود الإسلامي في اليابان ونشر الإسلام فيها ، وتقوية العلاقات الإسلامية اليابانية من خلال الزيارات للبلدان الإسلامية ومن ذلك زيارة رئيس الجمعية الأستاذ عمر ميتا بزيارة السعودية وشبه القارة الهندية وغيرها .
أكمل القراءة

قصة الإسلام (8) مؤتمر الاديان..

بسم الله الرحمن الرحيم،،،


أشيع في الصحافة في عدد من الدول كمصر واندونيسيا وتركيا وغيرها أنه سيعقد مؤتمر للأديان  في طوكيو عام 1906م
يُدعى له ممثلو الأديان العالمية الرئيسية ، ويُقدم كل ممثل من الأديان الحجج والبراهين التي تثبت تفوق دينه ينتج عنها اختيار اليابان أحسن الأديان ، ومن أجل ذلك بدأ كثير من المسلمين بوضع رسائل باللغات الأجنبية تشرح مبادئ الإسلام لتقديمها لمؤتمر الأديان ، وقرر الكثيرون السفر لحضور هذا الموتمر من دول شتى ...والسؤال هذا حدث هذا المؤتمر أم أنها مجرد شائعة ؟

لقد نشرت مقالة بعنوان (اليابان والإسلام) في مجلة العالم الإسلامي الصادرة عام 1970م وهي تلقي بعض الأضواء عن مؤتمر الأديان حيث تقول :

(لقد أحدث انتصار اليابان في الحرب الروسية اليابانية عام 1904-1905م  هزة وعي في عموم آسيا وأفريقيا ، واعترت الجميع رغبة قوية في التقدم ومزيد من القوة . لقد أصبحت اليابان قبلة الأنظار ، وقد نتج عن ذلك موجة من التوجه الإيجابي من المسلمين في بلدان شتى نحو اليابان ، لقد أصبح الطلبة من عدة دول يتوجهون إلى اليابان باعتبارها رمز من رموز القوة المعاصرة ، ويأملون من وراء ذلك التقدم في مجال الصناعة والتعليم والتجارة وغيرها ...) منقول بتصرف

كانت الصحافة الإسلامية في ذلك الوقت تتعامل مع مشروع إدخال الإسلام إلى اليابان على أنه حقيقة واقعة . إن القادة اليابانيين عندما لاحظوا التعاطف الذي عمّ المسلمين بسبب انتصاراتهم فإن هؤلاء القادة لاشك يريدون استغلال هذا التعاطف لصالحهم

وقد ذكرت صحيفة (JAPAN TIMES) بتاريخ 8 مايو عام 1906م أن اجتماعا عُقد في قاعة ((YMCA حضره ممثلو الفرق والأديان المختلفة وجرى حوار حول التعاون بين الأديان حيث حضر أحد المسؤلين اليابانيين أعلن تأييده لرسالة المؤتمر وأن التعاون والتسامح بين الأديان أمر ضروري جداً ...)
وقد ذكرت مجلة إقدام الصادرة في اسطنبول بتاريخ 7/3/1906م أن كتابا نُشر في الهند للتعريف بالإسلام كتبه الدكتور عبد الحكيم خان وراجعه مجموعة من العلماء وسيرسل إلى اليابان عند انعقاد المؤتمر ...)


منقول بتصرف عن 
د/صالح السامرائي 
      رئيس المركز الإسلامي في اليابان 
أكمل القراءة

قصة الإسلام (7) اليابانييون الأوائل في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم،،،،


عبد الحليم نودا

(أوشاتارو نودا)


أوصل الكاتب الصحفي أوشاتارو نودا المعونة التي جُمعت لأسر الشهداء (بإذن الله) في فاجعة سفينة آل طغرل إلى تركيا وبقي نودا مع رفيقه يامادا في اسطنبول يُدرس اللغة اليابانية للضباط العثمانيين ـ كما ذكرنا سابقاـ وقد أسلم نودا في تلك الفترة وسمّى نفسه عبد الحليم ، وقد حاز عبدالحليم على وسام الخليفة تقديراً لجهوده الكبيرة.
عبد الحليم نودا هو مراسل جريدة ييجي شيمبون اليابانية ،أثناء بقاءه في اسطنبول أجرى حواراً مع عبد الله غليام زعيم المسلمين في ليفر بول حول موافقة الدين الإسلامي للعقل والمنطق وسرد له الأدلة والبراهين فهداه الله إلى الإسلام .


(تورا جيورو يامادا)

وصل يامادا إلى تركيا عام 1893م بعد غرق السفينة التركية قي المياه اليابانية (سفينة آل طغرل) ، يحمل أموالاً وهديا من الشعب الياباني لذوي الضحايا ، وبقي في تركيا ثمانية عشر عاماً ، ولعب دورا مهماَ في تطور العلاقات بين اليابان والعالم الإسلامي ، وقد درس دين الإسلام أثناء بقائه في تركيا ثم أسلم بعد ذلك .
ولد تورا جيورو يامادا في طوكيو عام 1866م وهو ابن لساموراي ، وقد تعلم في طفولته بعض اللغات الحية مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية والصينية ، كانت فاجعة آل طغرل نقطة التغير في حياته وكان في الرابعة والعشرين من عمره آنذاك ، فبدأ بجمع التبرعات على نطاق اليابان ثم أخذها إلى وزارة الخارجية راجياً إيصالها إلى عوائل المتوفين الأتراك ، فعرضت عليه وزارة الخارجية إيصالها بنفسه ، ومن حسن الحظ أن قرابة الثلاثمة من منسوبي البحرية كانوا على وشك السفر إلى فرنسا حيث انضم إلى المجموعة ثم فارقهم بعد ذلك في ميناء بور سعيد ومنه سافر إلى اسطنبول ، ولما وصل إليها ذهب إلى وزارة الخارجية العثمانية وعرفهم بنفسه وسبب مجيئه فرُحب به ترحيبا شديداً ، وبذلك انتهت مهمة يامادا ، وأثناء بقائه في اسطنبول استقبله الخليفة عبد الحميد الثاني وأكرمه وكافأه ثم عرض عليه البقاء في تركيا مدة عامين يعلم فيها سبعة من الضباط العثمانيين اللغة اليابانية، فقبل طلب الخليفة بعد موافقة وزارة الخارجية .
عاد يامادا بعد انتهاء المدة ، ولكنه عاد في العام التالي إلى تركيا ، وبدأ في التجارة بين البلدين ونذر نفسه لتطوير العلاقات الثقافية والإقتصادية بين البلدين ، ومن أهم مافعل إقامة نصب تذكاري لفاجعة آل طغرل ، توفي يامادا عام 1957م رحمه الله رحمة واسعة.


(أحمد أريجا)

يعتبر المسلم الياباني الثالث ، وكان مديرا لشركة كبيرة ، زار بومباي في الهند عام 1900م وكان نصرانياً حيث أسلم هناك، كان أحمد أريجا يسكن في بيت كبير في منطقة ساسازوكا القريبة حاليا من المركز الإسلامي ومسجد طوكيو وله جهود كبيرة في تعريف اليابانيين بالإسلام .

(حسن هاتانو)

ضابط وصحفي أسلم هو وزوجته ووالد زوجته علي هيكي على يد البروفيسور بركة الله بهوبالي (من الدعاة الاجانب في اليابان) عام 1911م ، حيث تعاونا في اصدار مجلة (اسلام) باليابانية والإنجليزية وذلك عام 1912م ، وأصدر بعدها مجلة شهرية باللغة الإنجليزية أسماها (الأخوة الإسلامية).

أكمل القراءة

الإسلام في اليابان من وجهة نظر يابانية

بسم الله الرحمن الرحيم،،،،




الأديان في اليابان: 

نصت المادة 20 من الدستور الياباني على أن " حرية الدين مكفولة للجميع" وانطلاقاً من هذا الدستور " لا يحق لأي تنظيم ديني أن يتلقى امتيازات من الدولة أو يقوم بأي نشاط سياسي" .
فاليابانيون بصفة عامة يجدون أنفسهم في حرية تامة في اختيار أي دين يؤمنون به وممارسة طقوسه وإقامة الحفلات الدينية مما يتعلق بالدين.

ويوجد في اليابان تياران رئيسان :

- الأول هو البوذية وقد وصلت إلى اليابان في القرن السادس ويقد عدد البوذيين الآن حوالي 78 مليون شخص أي 70 في المائة من عدد السكان .
- والثاني هو الشينتوية وقد ظهرت وتطورت باعتبارها ديناً شعبياً يبلغ عدد المنتسبين إليه حوالي 89 مليون شخص أي 80% وهذان الرقمان يشيران بوضوح إلى ميل اليابانيين إلى اعتناق أكثر من عقيدة دينية في وقت واحد.

وقد ظهرت في أواخر القرن الماضي وفي هذا القرن كثير من الديانات مثل ديانة (تينري) و (ربوكاي) و (ريشوكوسيكان) وغيرها ولكن معظمها لا تخرج في طابعها عن تأثير فكرة الديانتين السابقتين وهما البوذية والشينتوية .
وبجانب هذه الأديان توجد ديانتان سماويتان هما المسيحية والإسلام إلا أن المسيحية برغم قدم وصولها إلى اليبان ، (1549) لم تجد قبولاً واهتماماً من اليابانيين إذ أن عدد المسيحيين لم يصل إلى واحد في المائة. وأما المسلمون فإنهم أقل من ذلك بكثير ويقدر عددهم بثلاثة آلاف شخص تقريباً بحسب العدد المسجل عند الجمعيات الإسلامية .


دخول الإسلام وانتشاره في اليابان:

سجل التاريخ أن وصول الإسلام في اليابان كان متأخراً بالنسبة للأديان الداخلية الأخرى مثل البوذية والمسيحية ، ولم ينتشر فيها انتشاراً واسعاً وسريعاً كما كان يحدث في جنوب شرقي آسيا حيث بدأ دخول الإسلام فيها قبل قرابة قرن من الزمن حتى الآن ولم يعتنق من اليابانيين الإسلام إلا أفراد قلائل ، وقد أثبت التاريخ أيضاً أن وصوله إلى اليابان كان بطرق متعددة يمكن تلخيصها في ثلاثة طرق :
1- عن طريق احتكاك جيوش اليابان بالمجتمع الإسلامي الموجود في الجزء الشمالي من الصين عندما احتلته اليابان قبل الحرب العالمية الأولى ، وقد أسلم بعض أفراد الجيش الياباني نتيجة لهذا الاحتكاك ولكن عددهم ضئيل جداً
2- عن طريق هجرة التركستانيين إلى اليابان وحدث ذلك بعد الثورة الروسية حيث فروا أمام ضغط واضطهاد الروس الشيوعيين في تركستان ومنشوريا ، ولعب هؤلاء المهاجرون بعد ذلك دوراً مهماً في التعريف بحقيقة الإسلام في جميع جوانبه.
3- عن طريق الكتب والأبحاث المتعلقة بالإسلام ، وظهر هذا مع الحدثين المهمين في دخول الإسلام إلى البلاد وهما كما ذكرت احتكاك جيوش اليابان بالمجتمع المسلم الصيني وهجرة التركستانيين، حيث إن هاتين الظاهرتين جعلتا علماء اليابان ومثقفيها يلتفتون إلى الدين الجديد ويتناولونه في مؤلفاتهم وأبحاثهم تعريفاً ونقداً. ولقيت هذه النشاطات تشجيعاً مادياً ومعنوياً من الحكومة الإمبراطورية آنذاك لأنها تريد استخدامها كذريعة لسياستها التوسعية ، فقد أصبحت في حاجة إل كل المعلومات المتعلقة بالدين الإسلامي ولاسيما عندما بسطت نفوذها على أرض مستعمراتها في شرق آسيا.
ومع مرور الزمن كان المسلمون جادين في نشر هذا الدين ، يتحركون باستمرار وان كان تحركهم بطيئاً ، حتى ظهرت النتائج الطيبة في الثلاثينات من هذا القرن متمثلة في بناء ثلاثة مساجد في طوكيو العاصمة وكوبي وناغويا ، وترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة اليابانية ( علي يد مستشرق ياباني ) ، ومنها إقامة المعرض الإسلامي في طوكيو وأوساكا وهما المدينتان الرئيسيتان في اليابان وقد حضر افتتاح هذا المعرض جمع غفير من كبار علماء المسلمين. وفي هذا المعرض ما يجعل هؤلاء الزوار من شخصيات إسلامية يتفاءلون بعض الشيء في أول وهلة إزاء هذه الانجازات العظيمة ولاسيما عندا رأوا المساجد في طوكيو وغيرها . وقد قال أحد علماء أندونيسا " السيد أ. كاسمات A. Kasmat " في مجلة " الإٍسلام يتحرك" الصادرة سنة 1940م " خلال زيارتنا وصلاتنا في المسجد الضخم الموجود في اليبان كنا نلتفت يميناً ويساراً لكي نرى هل يوجد المسلمون اليابانيون بين هؤلاء المصلين وأخيراً تبين أن عدد المسلمين اليابانيين كان ضئيلاً" وهذا يرجع ، إلى أن الدعوة الإسلامية في هذا البلد لم تكن كبيرة ومكثفة كبقية الدول الآسيوية وبرغم هذه النواقص التي عانت وتعاني منها قضية الدعوة الإسلامية في هذا البلد ورغم أن اليابانيين كانوا يجهلون كثيراً عن الإسلام وعن العرب إلا أنه بعد أن تمكن الإسلام فيها صار يتطور شيئاً فشيئاً. وهذا التطور يظهر بوضوح عقب الحرب العالمية الثانية حيث ازداد عدد المسلمين بسبب احتكاك جيوش اليابان بالمجتمع في جنوب شرقي آسيا مثل ماليزيا وأندونيسيا. وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها بسبع سنوات تم بجهود المسلمين تشكل أقدم المنظمات الإٍسلامية في اليابان.
ومنذ أوائل هذا القرن جرت محاولات عديدة لإدخال الإسلام من قبل الدعاة الأجانب إلى هذا البلد ومنهم الداعية المصري علي أحمد الجرجاوي 1907م وعبد الرشيد إبراهيم مفتي مسلمي روسيا 1909م وجماعة التبليغ 1956م إلا أن عدد المسلمين اليابانيين في عام 1970 لم يتجاوز الأربعمائة شخص.
وبعد عام 1970م تغيرت الأمور بحيث تزايد عدد المسلمين تزايداً ملحوظاً وهذا يرجع إلى عوامل عدة ، منها زيادة عدد المسافرين اليابانيين إلى الخارج وتعارفهم مع شعوب العالم واكتشافهم تقاليد ديانات مختلفة منها الإٍسلام ، واهتمامهم بالعرب وقضيتهم ودينهم بعد أزمة البترول التي حدثت في عام 1973م ، وازدياد عدد الكتب والمؤلفات المتعلقة بالدين الإسلامي والدول الإسلامية.


المسلمون اليابانيون اليوم:

إن عدد المسلمين اليابانيين لا يمكن تحديده بالضبط نظراً لعدم وجود رابطة متينة واتصال راسخ ببعضهم بعد اسلامهم وكل الاحصائيات المتعلقة به متعارضة ومتناقضة منها ما يصل به إلى عشرات الآلاف ومنها آلاف ومنها المئات. أما الأرقام الموجودة في سجل جمعية مسلمي اليابان فتشير إلى أن عددهم يصل إلى ثلاثة آلاف شخص ، ويقول أحد موظفى هذه الجمعية إن عددهم يقرب من ألف شخص فقط ولعل هذا أصح عدد. ومعظمهم موزعون ومتفرقون في العاصمة وما حولها ومعظمهم من المسلمين الجدد. وهذه الحالة تجعلهم غير قادرين على تشكيل مجتمع مسلم في منطقة معينة. ويوجد في اليابان الآن مسجدان هما مسجد طوكيو ومسجد كوبي بالقرب من أوساكا والجدير بالذكر في هذا الصدد أن عدد المسلمين بدأ يتزايد تزايداً مستمراً في الآونة الأخيرة في جزيرة هوكايدوا الشمالية وغيرها وهذا يدل على أن الإسلام بدأ يدخل محافظات أخرى غير طوكيو.
أما من ناحية وضع المسلمين بصفة عامة فإنهم من الطبقة الوسطى ، ولكنهم على أية حال نشيطون في نشر الدعوة الإسلامية والاحتفاظ بها ويحاولون باستمرا تعميم نور الإسلام في اليابان ، وهو ما نلاحظه خلال نشاطهم في تشكيل الجمعيات المختلفة. فالجمعيات الإسلامية موزعة في مناطق عديدة ، في طوكيو فقط توجد سبع جمعيات منها :1
- جمعية مسلمي اليابان ، وهي أقدم الجمعيات وأكبرها ومعظم أعضائها وموظفيها من أبناء اليابان 

وأهم نشاطات هذه الجمعية:

القاء المحاضرات الدينية ، وتدريس اللغة العربية ، وإصدار جريدة شهرية ، ويبذل فضل الله تشانج خريج كلية الدعوة الإسلامية جهده في تدريس اليابانيين المسلمين وإرشاد أبناء اليابان كأحد المدراء في هذه الجمعية وفي الجمعيات الأخرى.
2- المركز الإسلامي في اليابان : ومعظم رواده من كبار مسلمي اليابان والدعاة الأجانب وأهم نشاطاته ، نشر الكتيبات الإسلامية وإصدار مجلة الإسلام وفتح اعداد فصول اللغة العربية.
3- الجمعية الإسلامية اليابانية : وقد شكلت في منتصف السبعينيات فكانت متأخرة عن الجمعيات الأخرى ويترأسها الدكتور شوقي فوتاكي الطبيب.
وأهم أنشطتها : اتصالها بالدول العربية وفتح المستشفيات لمساعدة المرضى المسلمين.
وبجانب الجمعيات توجد هناك جمعيات أخرى في كل من مدينة كيوتو وتوكوشيما وكانازاوا وسينداي ، بمعدل جمعية واحدة في كل منها وتوجد في جزيرة هوكايدو جمعيتان.

بعض قضايا المسلمين في اليابان:

واذا لاحظنا المسلمين اليابانيين ملاحظة دقيقة فسنجد قضايا ومشكلات متعددة لا تحصى لكنني سأتناول بعض تلك القصايا والمشكلات التي أراها مهمة أكثر من غيرها.
1- مفهوم الدين عند اليابانيين: وبما أن الدين في معناه اللغوي يختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر فلا داعي للاستغراب إذا وجدنا بوناً شاسعاً في معناه الاصطلاحي من بلد إلى آخر.
فالعرب على سبيل المثال باعتبار جزيرتهم موطن الأديان السماوية يستعملون كلمة الدين في لغتهم التي تقابلها كلمة (Religio) باللغة اللاتينية عند الغرب ولهاتين الكلمتين العربية والغربية مدلول مشترك يدور حول علاقة الإنسان بربه ، بينما كان مفهوم الدين لدى الهنود أصحاب الديانة الوضعية هو ( سيدانتا ) باللغة السنسكريتية أي تحقيق الغاية. وأما إذا نظرنا إلى مفهوم الدين لدى الصينيين واليابانيين فسنجد اختلافاً واضحاً بينه وبين المفهوم الديني لدى العرب والغرب وتشابهاً كبيراً بنهم وبين الهنود نتيجة لاعتناق عدد هائل منهم للديانة الوضعية.
فالدين في اللغة اليابانية هو (شيوكيو) أي كلمة مركبة من (شيو) بمعنى الغاية التي يستنير بها الإنسان وكلمة ( كيو ) أي موضع الشرح والتوضيح. ولعل مفهوم هذا جعل عامة اليابانيين والصينيين معتنقين أكثر من عقيدة دينية في وقت واحد.
وأما كلمة ( الله ) باللغة العربية فتقابلها كلمة ( كامي ) عند اليابانيين التي تعني الرب الخالق لدى المسلمين ، بالإضافة إلى أنها تطلق على أهل البيت الامبراطوري وتستعمل أيضاً لقباً خاصاً بالأجداد الأشراف. والجدير بالملاحظة أن هذه الاستعمالات الثلاثة كانت هي مفهوم الشينتوي لكلمة ( إله ).


فكرة النبوة لدى بعض اليابانيين:

وفيما يتعلق بقضية النبوة فبعض اليابانيين أخذوا هذه الفكرة من خلال تعرفهم على شخصية امرأة كانوا يعتبرونها نبية جاءت بديانة ( تينري ) فهي المؤسسة الأولى التي قامت بإرساء أصول هذه الديانة اعتقاداً منها أن الوحي من الله نزل إليها ، الأمر الذي جعل بعض سكان اليابان يقعون في خطأ فاحش لمعني النبوة الذي جاء به الإسلام.
نظراً للاعتبارات السابقة فإنه ليس من الأمر اليسير تغيير مفاهيم اليابانيين للدين والألوهية والنبوة ولعل هذا السر الأكبر لبطء انتشار الإسلام في هذا البلد ، ولكنني على غاية الثقة في أنه إذا عرف الإيمان الصحيح لدى الشعب الياباني وعرف الإسلام الحقيقي لديهم فلا شك أن هذا الدين الحنيف سينتشر. داخل هذا البلد بشكل سريع وبصورة واسعة لأن من خصائص اليابانيين الاجتهاد والكد في عمل يؤمنون به مهما كانت الظروف التي تواجههم.


الترابط بين المسلمين:

يتركز المسلمون غالباً في العاصمة وما حولها ولم يتمكنوا من تشكيل ما يسمى بالمجتمع المسلم في منطقة معينة. هذا الواقع ليس غريباً ولا عجيباً لأن سكان المدينة الكبرى إذا قورنوا بسكان الأرياف بصفة عامة فإنه يشغلون بأمورهم الشخصية ويهتمون بمهامهم الخاصة ويعيشون عيشة منفردة حتى لا يعرفوا من يسكن في جوار بيوتهم. فهذه الظاهرة المدنية جعلت المسلمين اليابانيين أيضاً مجبورين أمام هذا الواقع ، ونجد بجانب الظاهرة المدنية أنهم موزعون في أماكن عديدة ، وهذا السببان جعلا الترابط بينهم ضعيفاً. فالفرصة التي يتمكن المسلمون اليابانيون من أن يلتقوا فيها بإخوانهم هي عند زيارتهم إلى الجمعيات الإسلامية ومن المعلوم أن هذه الجمعيات قامت بإعداد الدراسات الإسلامية وتعليم اللغة العربية إلا أن اشتغالهم بأنفسهم بجانب كونهم مسلمين جدداً لم يمكنهم من استيعاب هذه العلوم ، ولذلك نجدهم تارة يخطئون في أمور دينية كزواج المسلم بالمشركة والعكس.
وبالمناسبة أود أن أقول بأن العلاقة القائمة بين المسلمين اليابانيين والأجانب لم تصل إلى المستوى المطلوب والسبب في ذلك يرجع إلى كلا الجانبين.
أما من جهة المواطنين فإن المشكلة الأولى التي تحول دون توثيق العلاقة بينهم وبين الأجانب فهي قضية اللغة حيث أن معظم اليابانيين لا يتقنون إلا لغتهم الأصلية. والمشكلة الثانية التي أصبحت سداً مانعاً من انسجام اليابانيين مع المجتمع الأجنبي تكمن وراء التعصب القومي الذي يكون النفوس اليابانيين بحكم الموقع الجغرافي لبلدهم والتجربة التاريخية التي سجلت في تاريخ اليابان عصر الانقطاع. وأما من ناحية الأجانب فلعل أول سبب لعدم توطيد صلتهم بالمواطنين اليابانيين هو قلة معلوماتهم عن الأوضاع الاجتماعية لليابانيين ، الأمر الذي جعل بعضهم يشكون في إسلام الكثير من اليابانيين لأن تصرفهم بعيد كل البعد عن التعاليم الإسلامية الصحيحة.
وانطلاقاً من المنهج الموضوعي للبحث يجب علي كمسلم ياباني أن أعترف بأن هذا الواقع ينطبق على كثير من المسلمين اليابانيين وخاصة قريبي العهد بالإسلام غير أنني لا أسلم بحال من الأحوال بأن عدم تمسكهم بالإسلام الصحيح وقع قصداً وعمداً.
وإنما الحقيقة التي يجب أن تقال هي أن جهلهم بأحكام الإسلام وقلة توسعهم في شريعة هذا الدين الحنيف هما السبب في تلك الظاهرة.


حاجة المجتمع الياباني إلى دعاة الإسلام:

وقد أشرت في البداية إلى تزايد عدد المسلمين بشكل متواصل بعد السبعينات ، حيث إن عدد علماء الدين من أبناء المسلمين اليابانيين كان نسبة قليلة للغاية إذا قورنت بعدد المسلمين اليابانيين. وهذا من أهم القضايا التي لابد من معالجتها في أسرع وقت ممكن على المستوى الداخلي والخارجي في الوقت ذاته ، لأن الحل الأمثل يكمن في تأسيس المدارس الدينية في الداخل ، وإرسال العدد الهائل من الشباب المسلم الياباني إلى الدول العربية والإسلامية لعلهم يتفقون في الدين وينذرون قومهم إذا رجعوا إليهم. ولكن الحل الأول لا يتأتى بصورة عاجلة لأن المسلمين في اليابان في عالمنا اليوم تنقصهم الإمكانيات المادية لبناء المدارس وإقامة المراكز الإسلامية.
وأما العلاج الثاني فرأيت أن أتناول بالتحليل والتفصيل في العنصر الأخير من هذا المقال. فمن المؤسف حقاً أن الشركات اليابانية في معظم الشؤون أصبحت صاحبة المصلحة الأول في جذب الشباب اليابانيين المسلمين الذين تلقوا دروسهم في الدول العربية وخاصة منهم من تخصصوا في اللغة العربية لأن هذه الشركات تعطيهم الامتيازات العالية كموظفين ومترجمين ،وهو الشيء الذي يجعلهم يتركون جانباً رسالتهم الحقيقية طمعاً في الحياة المادية.


الدعاة ومشكلة اللغة:

أرسلت بعض الدول العربية والإسلامية الدعاة المتخصصين إلى اليابان لنشر دين الحق فيها ، وهذه المساعدة الجبارة التي تدعو إلى الإنصاف وتدل على الوعي الحقيقي جدير بالاهتمام والشكر ، ولكنهم لم يحققوا نتائج ملموسة رغم أن بعضهم يبذلون قصارى جهودهم في سبيل نشر الدعوة وذلك لعدم اتقىنهم اللغة اليابانية واللغة هي أهم وسائل الدعوة ، وبدونها لا يستطيعون أ، يقنعوا عامة الناس . ومن هذا المنطلق فلا سبيل للدعاة الأجانب إلا بمزيد من دراسة اللغة اليابانية.
وبعد أن لاحظت أن هذه المشكلة التي واجهها ويواجهها الدعاة في اليابان أقترح انضمام المسلمين اليابانيين إلى صفوف الدعاة ليقوموا بمهمة الدعوة. وبعد ذلك يقسمون الأدوار فيما بينهم حيث يأخذ الدعاة اليابانيون دور الشرح والتوضيح بالإسلام أما الدعاة الأجانب فيقومون بتدريس العلوم الإسلامية واللغة العربية.


أهمية نشر الكتب الإسلامية:

لا تكاد توجد الأمية بين أفراد الشعب اليابانية وكلهم يحبون قراءة الكتب والاطلاع على سبيل الاستفادة منها . فالكتب تؤثر في عقول الناس تأثيراً كبيراً وواضحاً ، وخير دليل على ذلك أن المذاهب الجديدة والأديان الحديثة النشأة في هذا القرن تنتشر انتشاراً سريعاً وبشكل خطير لاتخاذها وسيلتين مهمتين:
1) قيام الدعاة بزيارة المنازل 2) نشر الكتب والمطبوعات
ولعل هاتين الوسيلتين أنسب وسائل الدعوة في هذا العصر وفي هذا البلد. وهكذا نجحت دعوة دين باطل فما بال دعوة دين الحق الدعوة الإسلامية ؟ .. إن الدين الإسلامي أصلاً يستخدم في دعوته النقاش والحوار وإقناع الناس بما جاء من عند الله أيضاً . فالوسيلة الأولى شبه معطلة لأن دعاة الإٍسلام في اليابان لم يستطيعوا القيام بهذه الأعمال لقلة عددهم ، وأما الثانية وهي نشر الكتب والمطبوعات فإن تأثيرها على الناس لا يقل عن الوسيلة الأولى حيث أن معظم المسلمين اليابانيين قد اعتنقوا الإسلام بهذه الوسيلة ، وهذه الكتب والمطبوعات متوفرة في الأسواق والمكتبات إلا أن معظمها من مؤلفات المستشرقين الملأى بالدس والكيد للدين الإٍسلامي الحنيف ، وأما الكتب الإٍسلامية التي ألفها العلماء المسلمون فإنها غير متوفرة ، ويصعب الحصول عليها فكيف يملأ المسلمون اليابانيون هذا الفراغ.

الطلاب اليابانيون في الدول الإسلامية:

أشرت سابقاً إلى أهمية إرسال الطلاب اليابانيين إلى الدول العربية والإسلامية لأجل زيادة عدد العلماء والمرشدين ، فمنذ الستينات أخذ يتلقى الشبان المسلمون تعليمهم في المدارس والجامعات في الدول العربية والإسلامية ، ولا شكل أن بعض هؤلاء الشبان عزموا على الدراسة الإسلامية خاصة ولكن قلما نجد من استمروا في دراستهم الإسلامية . حتى تخرجوا في الجامعات لأن الدراسة الإسلامية غاية في الصعوبة بالنسبة لهم ، وهذه الصعوبة جاءت من الأسباب التالية:
1-ليس عندهم أساس من المعلومات الإسلامية لأن جميع هؤلاء الشبان مسلمون جدد.
2-أسلوب الدراسة في الجامعات العربية والإسلامية المعتمد على حفظ الدروس لا تناسبهم لأنهم منذ الصغر لم يتعودوا على ذلك وإنما يركزون على فهم الدرس وتطبيقه.
3-لم يحفظوا آيات القرآن من قبل.
4-ضرورة التحاقهم مدة طويلة بدروس لا تناسب مستواهم الفكري مثل الإعداد بسبب عدم إتقان اللغة العربية تمهيداً للدخول في الجامعة وهذا ما جعلهم يشعرون بالملل لأن معظمهم من خريجي الجامعات أو الكليات في بلدهم.
نظراً لهذه الأسباب نتبين أن هؤلاء المسلمين الجدد كان من الصعب عليهم أن يتلقوا تعاليمهم الإسلامية مع أبناء المسلمين الذين جاءوا من الدول الإسلامية كيفما كان الحال. فأرى أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو تأسيس مدرسة أو جامعة خاصة لهؤلاء المسلمين الجدد تدرس فيها مواد دينية ذات فكرة عميقة وثقافة عالية دون إجبارهم على حفظ النصوص والدروس والاهتمام باللغة العربية.
وإذا فتحت كلية الدعوة الإٍسلامية قسماً خاصاً تجمع فيه المسلمين الجدد من البلدان غير الإسلامية الذين لهم المستوى الدراسي العالي وتمدهم بالمعلومات الإٍسلامية ، فلا شك أنهم سيحصلون على كفاءة عالية في مجال الدعوة لأنهم أعلم الناس بأمور مجتمعهم وخاصة ما يتعلق بالديانات التي كانوا عليها قبل إسلامهم وكم من المسيحيين والبوذيين بعد تقبلهم الإسلام يخدمون في مجال الدعوة خير خدمة .


 سليمان أكيرا هاماناكا
أكمل القراءة